بعض المدن حول العالم لا توقظها أصوات السيارات ولا ضجيج المصانع، بل يبدأ صباحها مع جوقة من الطيور. عند الفجر، حين يختفي آخر خيط من ظلام الليل، تتعالى الأصوات العذبة من الأشجار والأسطح والنوافذ، وكأن الطبيعة نفسها تعلن بدء النهار.
في هذه المدن، يتحول الفجر إلى احتفال يومي. النائمون يفتحون نوافذهم على لحن طبيعي، والطرقات تستقبل الناس بنغمة مختلفة عن أي موسيقى مسجّلة. حتى المقاهي والباعة يجدون أن أول زبائنهم يأتون مبتسمين، وقد حملت لهم الطيور شيئاً من البهجة.
المميز أن هذه الظاهرة ليست حكراً على القرى أو الغابات؛ حتى بعض العواصم الكبرى ما زالت تحتفظ بجيوب خضراء تملؤها أسراب من العصافير والحمام والبلابل. وهكذا تظل العلاقة بين الإنسان والطبيعة مستمرة، مهما ارتفعت البنايات.
رمزياً، المدينة التي تستيقظ مع الطيور تذكرنا أن الإيقاع الطبيعي للحياة أجمل وأصدق من أي ضوضاء أخرى. إنها دعوة للانسجام مع البساطة، والبدء بيوم جديد بطاقة نقية.