فهرس المحتوى

حين يقترب الخريف، تتحوّل الغابات إلى مسرح كبير للألوان. أوراق الأشجار التي كانت خضراء طوال الصيف تبدأ رحلة تبدّلها: الأصفر يضيء كالشمس، الأحمر يلمع مثل الجمر، والبرتقالي يملأ الفراغات بينهما كأن الطبيعة ترسم لوحتها الخاصة.

السير في غابة خريفية يمنح إحساساً فريداً. الهواء بارد قليلاً، لكنه مشبع برائحة الأوراق اليابسة. تحت الأقدام، يتناثر البساط الذهبي، وكل خطوة تُحدث خشخشة خفيفة كأنها موسيقى موسمية لا تتكرر إلا مرة كل عام. الأشجار العتيقة تنحني بأغصانها الملوّنة لتشكل ممرات طبيعية، بينما تلمع قطرات الندى على الأوراق المتساقطة مع أول ضوء للشمس.

الخريف لا يغيّر منظر الغابة فقط، بل يغيّر مزاج من يزورها. هناك شعور بالحنين والهدوء، كأن الزمن يتباطأ قليلاً. كثير من الرسامين والشعراء وجدوا في هذه المشاهد مصدر إلهام، فرسموا لوحاتهم وكتبوا أبياتهم وهم يستلهمون من هذا التناغم العجيب بين الجمال والوداع.

رمزياً، الغابة في الخريف تذكّرنا أن التغيير جزء من دورة الحياة، وأن لكل مرحلة جمالها الخاص. فكما تحتفل الأشجار بألوانها قبل أن تفقد أوراقها، نحن أيضاً يمكننا أن نحتفي بلحظاتنا الجميلة حتى لو كانت مؤقتة.